باحـــو ثقافة وإبداع

السلام عليك يا زائرنا الكريم انت غير مسجل لدينا نرجو منك التسجيل معنا في المنتدي

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

باحـــو ثقافة وإبداع

السلام عليك يا زائرنا الكريم انت غير مسجل لدينا نرجو منك التسجيل معنا في المنتدي

باحـــو ثقافة وإبداع

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
باحـــو ثقافة وإبداع

كل ما يتعلق بالثقافة والإبداع

شاركونا بواضيع هامة ساهمو في الحركة التثقيفية الرامية الى الابداع
شاركونا بواضيع هامة ساهمو في الحركة التثقيفية الرامية الى الابداع

    الإيمان بالأنبياء وما أنزل إليهم

    molydris
    molydris


    عدد المساهمات : 123
    نقاط : 312
    تاريخ التسجيل : 12/03/2010

    الإيمان بالأنبياء وما أنزل إليهم Empty الإيمان بالأنبياء وما أنزل إليهم

    مُساهمة من طرف molydris الأحد مارس 14, 2010 12:50 am

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

    أيها الأخوة المؤمنون : ننتقل إلى موضوع جديد من موضوعات العقيدة التي يجب أن يؤمن بها الإنسان . هذا الموضوع هو الإيمان بالأنبياء والرسل .
    أولاً: من أركان العقيدة الإسلامية الإيمان بجميع الأنبياء والرسل عليهم السلام ، وكذلك الإيمان بجميع ما أنزل عليهم . قبل أن نخوض في هذا الموضوع فكرة بسيطة ....
    إذا كنت في طريق ما ، ورأيت إنساناً كفيف البصر وأمامه حفرةٌ كبيرة ، ماذا تفعل ؟ بدافع من رحمتك ، بدافع من حرصك ، ألا تذكره ؟ ألا تحذره ؟ ألا تنبهه ؟ كل ما في الأمر أن الله سبحانه وتعالى .. لأنه رحيم .. لأنه رحمن رحيم .. إذا وجد عباده قد ضّلوا وتاهوا وحاروا وسلكوا طريق شقائهم وهلاكهم ، بعث إليهم بأنبيائه ورسله ليحذروهم وينذروهم ...قال تعالى :


    (سورة الأعراف)
    لأن أسماءه حسنى وصفاته فضلى لا يمكن أن يدع عباده من دون توجيه ، من دون تحذير ، من دون لفت نظر ، فالأنبياء والرسل رحمة من الله سبحانه وتعالى تحذير ، تبشير ، توضيح ، بيانٌ للحقيقة . ففي صفة عقيدة المؤمنين قال الله تعالى في سورة البقرة :


    (سورة البقرة)
    " لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ " .. ويأمر الله سبحانه وتعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ويأمرنا معه فيقول في سورة آل عمران:


    (سورة آل عمران)
    فمن لوازم الإيمان بالله ؛ الإيمان برسل الله … إذا كنّا نعترف بدولة ما فنعترف بسفيرها .. إذا جاء السفير ومعه أوراق اعتماده فلا بد من أن نعترف به .. ما دمنا بالأصل معترفين بدولته .. فمن لوازم الإيمان بالله الإيمان برسله .. والإيمان بالرسل من العقائد التي لو أنكرها الإنسان لكفر . يجب أن تُعلم بالضرورة ، ومعرفتها فرض عين وليس فرض كفاية .
    من مقتضى الإيمان بالله تصديق المؤَيَديِن بتأييد من عنده . يعني .. دائماً .. سبحان الله .. الأنبياء والرسل جاءوا بمعجزات لا يستطيع عامة البشر أن يفعلوها . وبالبديهة لابد من أن يكون هذا الإنسان مبعوثاً من قبل العناية الإلهية . يعني مع النبي آية : إما أن تكون هذه الآية معجزة إعجازاً مادياً كالعصا في يد سيدنا موسى ، كإحياء الموتى على يد سيدنا عيسى ، كأن النار لم تحرق سيدنا إبراهيم كانقلاب البحر طريقاً يبساً على يد سيدنا موسى . أو إعجازاً بلاغياً تشريعياً كما هي الحال على يد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
    فهذا النبي لابد بديهة من أن يكون رسول الله ... هذا النبي من عند الله والدليل أنه فعل شيئاً لا يستطيع بنو البشر أن يفعلوه فمن لوازم الإيمان بالله ... الإيمان برسل الله المؤيدين بالمعجزات الماديـة والمعنوية
    هذا التأييد الذي لا يمكن أن يكون من الله تعالى إلاّ لرسله الدالين عليه والمبلغين لشريعته ودينه بصدق .. في نقطة .. قال تعالى :


    (سورة الكهف)
    الله سبحانه وتعالى يستحيل في حقه أن يؤيد الضُلاّل أن يؤيد المضلين بمعجزات كمعجزات الأنبياء لو أنه فعل ذلك لضلل عباده ، فهذه المعجزات ليست من حق عامة الناس بل من حق أنبيائه المصطفين ومن مقتضى الإيمان بالله ؛ أن يصدق الإنسان في كل ما يخبرنا الله عنه . هذا يقتضي الإيمان برسله الذين أخبر عنهم في كتابه .
    يعني إذا أنت آمنت بالقرآن الكريم ، على أنه كتاب من عند اللـه ، يقتضي الإيمان بالقرآن الكريم أن تصدق بكل ما جاء فيه . أنت لم ترَ سيدنا لوط ، ولا سيدنا إبراهيم ، ولا سيدنا عيسى ، ولا سيدنا موسى ، ولكن أخبار هؤلاء الأنبياء الكرام جاءت في القرآن الكريم ، وأنت مؤمن بالقرآن الكريم ، فإيمانك بالله أولاً ، وبكلامه ثانياً ، يقتضي أن تؤمن بجميع الرسل والأنبياء ، الذين أخبر عنهم في القرآن الكريم .
    ثم إن الإيمان بواحد من الرسل لا ينفك عن الإيمان بجميع الأنبياء والرسل ...عندنا استنباط لطيف جداّ ، أن الله عزّ وجل في بعض الآيات يقول :


    (سورة آل عمران)
    فهذا المجتمع أو هذه الأمة أو هذه القرية قتلت هذا النبي فلماذا جعل الله القتل جماعياً ؟. لأنك إذا كفرت بهذا النبي فكأنما كفرت بالأنبياء كلهم .. الأنبياء وحدة لا تتجزأ .. إما أن تؤمن بهم جميعاً وإن لم تؤمن بهم جميعاً فكأنك كفرت بهم جميعاً .. لا يوجد تجزيء !!! .
    جاء في النصوص الدينية إطلاق كلمات النبي والرسول النبوة والرسالة على حقائق شرعية وفق الاصطلاح الشرعي ... ماذا تعني كلمة النبي وماذا تعني كلمة الرسول ؟ في الحقيقة اللغة : " النبوة " مأخوذة من النبأ . قال تعالى :


    (سورة النبأ)
    يتساءلون عن النبأ العظيم " النبوة من النبأ " يعني هذا الإنسان اصطفاه الله سبحانه وتعالى ، أنبأه بالحقائق فهو ينبئُ الناس بها .. أنبأه الله أولاً ونبأ الناس ثانياً فهو نبي .. فالنبوة مشتقة من فعل " نبأ " أو " أنبأ " ، والأصل مأخوذة من النبأ ... أي الخبر ، فالنبي أنبأه الله عن أخبار السماء ، وكلفه أن ينبئ الناس عن حقائق التوحيد ، وحقائق التشريع ، فهو نبيّ .. فالنبوة بشكل أو بآخر مقام علمي .. رتبة علمية .. يعني هذا الإنسان باتصاله بالله المستمر ، بلغ مرتبة النبوة بمعنى أنه عرف الحقائق المطلقة .. عرفها وعرّفها للناس ، في اللغة مأخوذة من " النبأ " أي الخبر قال تعالى :


    (سورة النبأ)
    أو مأخوذة من النَبوَة والنَبوَة أي ما ارتفع من الأرض . يُقال نبأ الشيء إذا ارتفع . وفي اللغة الدارجة " نبأ " أي ارتفع .. " نبألوا نبيرة مثلاً .." كيف ارتفع ؟ هذا النبي الكريم ارتفع عن سائر الخلق .. وهو في الأفق الأعلى .. هو في واد والناس في واد ، الناس في همومهم وفي معاشهم وفي خلافاتهم وفي خصومتهم ، وفي جمع الدرهم والدينار ، وفي الكسب الحرام ، وفي الانغماس بالشهوات ، وفي التنافس على حطام الدنيا …. والنبي في معرفة الله ، وفي الإقبال عليه وفي تعريف الخلق به وفي خدمة عباده وفي معرفة ملكوت السماوات والأرض ….. لأنه في واد والناس في واد نبأ عليهم بمعنى ارتفع عن مستواهم .. ارتفع عن مشاغلهم ، عن اهتماماتهم ، عن حطام الدنيا ، عن وحول الدنيا ، عن شهوات الناس ، ..... إذا كان يعنيك الدرهم والدينار فقط ..
    عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إلا مَا قُدِّرَ لَهُ *
    (سنن الترمذي)
    سؤال يطرح على أحدكم :
    ما الذي يشغلك ؟ ما الذي يهمك ؟ ما الذي يعنيك ؟ ما الذي يخطر في بالك إذا فتحت عينيك في الصباح ؟ عندما تستيقظ أول استيقاظك ، ما الذي يخطر في بالك ؟ شراء البيت ؟ بيع المحل؟ طبخ هذه الأكلة ؟ الذهاب لهذه النزهة ؟
    عَنْ عُمَرَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ عِنْدِ مَرْوَانَ بِنِصْفِ النَّهَارِ قُلْتُ مَا بَعَثَ إِلَيْهِ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلا لِشَيْءٍ سَأَلَ عَنْهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ سَأَلَنَا عَنْ أَشْيَاءَ سَمِعْنَاهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلا مَا كُتِبَ لَهُ وَمَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ نِيَّتَهُ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ *
    (سنن ابن ماجه )
    النبي عليه الصلاة والسلام حينما دُعي إلى اللهو واللعب في سن الطفولة قال صلى الله عليه وسلم " لم أُخلق لهذا " .
    الإمام الغزالي رضي الله عنه قال " إن ساعة واحدة تمضي في غير ما خُلقت له لجدير بك أن تكثر عليها حسرتك يوم القيامة "... ساعة واحدة .. عاش 83 سنة ، روّح ساعة بلا طعمة .. لعب فيها بالطاولة .. حكى على الناس .. حكى بموضوعات سخيفة ، لا تقدم ولا تؤخر .. ذهب إلى مكان لا يرضي الله .. إن ساعة واحدة أمضيتها في غير ما خُلقت له لجدير بك أن تكثر عليها حسرتك يوم القيامة .
    فمعنى النبي أنه من النبوة ، أي في مستوى سامٍ وراقٍ ، غير مستوى الناس . فيا أيها الأخوة الأكارم .. لا تكونوا في صفوف الخط العريض من الناس .. همهم بطنهم ، قبلتهم نساؤهم ، دينهم شهواتهم ، عقيدتهم العادات والتقاليد ،.......
    لذلك ! إذا رأوا ما يقلل من شهواتهم ، أو ما يهدد متعهم وملذاتهم ، سُحقوا .. أهل الدنيا يُسحقون إذا لاح لهم ما يهدد شهواتهم ونزواتهم ومتعهم الرخيصة .. أما أهل الإيمان لا يصعقون، إلا إذا خافوا على دينهم.
    سيدنا عمر رضي الله عن عمر كان إذا أصابته مصيبة قال الحمد لله ثلاثاً .. مصيبة .. الحمد لله إذ لم تكن في ديني ... أي طعام كله ... أفضل من أن تكون المصيبة في دينك .. أي ثياب لا بأس من أن ترتديها ولو كانت رخيصة .. ولو كانت بالية .. ولا تكن المصيبة في دينك ... ، " الحمد لله إذ لم تكن في ديني ، والحمد لله إذ لم تكن أكبر منها ، والحمد لله إذ أُلهمت الصبر عليها"
    قل لي ماذا يخيفك ؟ ماذا يجزعك ؟ أقل لك من أنت .. المؤمن يخاف على دينه ، يخاف على استقامته ، يخاف أن يُجري الله على يده السوء ، أو الأذى ، أو الشر ، هذا الذي يجزعه وعلى الدنيا السلام .
    سيدنا أبو عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه ، دخل عليه أحد أصحاب رسول الله ، وكان قائد الجيوش الإسلامية في الشام دخلوا عليه غرفته ، غرفة القيادة فإذا هي غرفة صغيرة عليها جلد غزال وفي زاويتها قدر ماء غُطي برغيف خبز وسيف عُلق على حائط الغرفة .." هذا كل ما في الغرفة " ، فقيل لهذا الصحابي الجليل .. ما هذا يا أبو عبيدة .. ما هذا ؟! قال هو للدنيا وعلى الدنيا كثير .. ألا يبلغنا المقيل !!؟
    أروع كلمة تأثرت لها .. كلمة الإمام الغزالي ، " كل مالا يصحبك إلى الآخرة فهو من الدنيا ". كل شيء لا يصحبك إلى الآخرة فهو من الدنيا .. فاعتنِ بها ما شئت ، لابد من أن تتركها . وكلما كانت مزدانة وعريضة وفخمة وراقية ، كلما ازدادت حسرتك على فراقها .
    " إذا واحد خرج من بيت غرفة وحدة .. شمالية .. " كمن أُخرج من بيت ثمنه 30 مليون .. خرج منه .. فكلما حسَّنْتَها ، تزداد الحسرة عند فراقها ..
    لذلك ! هو للدنيا وعلى الدنيا كثير . ألا يبلغنا المقيل !!؟ .. فلذلك هـذا النبي العظيم ، لماذا استحق أن يكون نبياً ؟ لماذا استحق أن يصطفيه الله سبحانه وتعالى ؟ الآن .. هنا سؤال دقيق جداً . يعني .. يتهم الناس أنَّ هذا النبي .. الله .. عزّ وجل اختصه وخلص إنسان من عامة الناس .. إنسان عادي جداً " الله عزّ وجل اختصه بالنبوة خلص انتهى الأمر ...
    يعني .. إذا أنت معلم ابتدائي ، وأردت أن تعين على أربعين طالب عريف .. ماذا تفعل ؟.. تنتقي المجتهد .. المتفوق .. الأخلاقي .. شيء بديهي .. ورب العزة يصطفي إنساناً من عامة الناس !؟ يجعله نبياً ؟! كلمة اصطفى .. " نقاه " يعني .. من معاني كلمة الاصطفاء .. أن الله سبحانه وتعالى .. جعل النبوة في خير خلقه ، جعلها في أشدهم حباً له .. في أشدهم طاعة له ، في أشدهم ورعاً ، في أشدهم تمسكاً .. لكن إيّاك أن تفهم أنك إذا بالغت في الورع .. وبالغت في الاستقامة .. وبالغت في المحبة ، صرت نبياً ! .. لا ..
    لذلك علماء العقيدة .. قالوا " النبوة ليست كسبية .. وإنما هي هبة من الله سبحانه وتعالى .. ولكن هذه الهبة مبنية على علم ، وهذا الاصطفاء مبني على علم .. "
    يعني .. لو فرضنا أننا نريد أن نعين لنا سفيراً في بلد أجنبي ما ، ألا نختار إنساناً يتقن اللغة الأجنبية ؟ معه شهادة عالية .. بعض البلاد كما سمعت لا يتعين السفير إلا إذا كان يتقن اللغتين إتقاناً جيداً .. تكلماً وكتابة وقراءة ويحمل ثلاث شهادات عليا في وقت واحد .. في الحقوق والآداب والعلوم ، هذا سيمثّل أمة .. أمة بأكملها .. فحينما تختار الحكومة إنساناً ليكون سفيراً أتختاره من الطريق ؟ هل تضع حاجزاً في الطريق..وتأخذ شخصاً وتقول له : أنت سفير !!؟ .. أم هناك دراسات ، اصطفاء دراسـة دقيقة .. " أي إذا كان إنسان يختار إنسان وفق أصول " فكيف رب العزة ؟


    (سورة البقرة)
    هؤلاء مصطفون أخيار .. قمم الكمال البشري .. قمم .. الأنبياء قمم .. " أنت تلتقي بإنسان على جانب من الإيمان ، من الورع .. فتُبهر به فتقول : والله لا مثيل له " فكيف لو التقيت بنبي ؟ " ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمدٍ محمداً " النبي الكريم .. التفت إلى أحد أصحابه فرأى بيده خاتماً من الذهب فأعرض عنه .. فمسك الخاتم " ذهب " ورماه في الأرض .. فقيل له خذه وبعه فقال : لا والله ما كنت لآخذه بعد أن نهاني عنه النبي .. " انتهى " .. أحبوه محبة فاقت حدّ التصور ، أطاعوه طاعة فاقت حدود الخيال ... " لأنه إنسان عادي !! " .
    يعني الكمال البشري .. كله مجموع في النبي .. الكمال البشري .. العلم ، والتواضع ، والحلم ، والرقة ، واللطف ، والرحمة ، والعطف ، والقيام بالحقوق ، وأداء الواجبات ، ... كان خلقه القرآن ...
    فأردت من هذا الكلام أن الله سبحانه وتعالى يصطفي النبوة ، اصطفاء الله عبداً من عباده بالوحي إليه ، اصطفاه ، لكن اصطفاء الله على علم ، يعني أذكر المثل مرة ثانية .. لو أردت أن تعين عريفاً على هذا الصف تختار أقوى الطلاب اجتهاداً أكثرهم اجتهاداً وأكثرهم خلقاً .. أبداً .. فكيف هذا النبي الذي يمثل الحق .. يمثل حضرة الحق :


    (سورة البقرة)
    النبي خليفة الله في الأرض ، أيكون الخليفة على غير ما ينبغي ؟ مستحيل ! شيء آخر: الآن أذكر سبب الاصطفاء .. القصة معروفة .. سيدنا أبو بكر رضي الله عنه ، كان في الطريق يمشي فرأى سيدنا حنظلة يبكي .. قال له مالك يا حنظلة تبكي .. قال نافق حنظلة .. قال ولمَ يا أخي ؟ قال : نكون مع رسول الله ونحن والجنة كهاتين فإذا عافسنا الأهل والولد ننسى .. يعني .. كأنَّ سيدنا حنظلة شعر بنفسه منافق .. السبب .. ، وهو عند رسول الله في مجلسه في غاية السعادة ، في غاية الطمأنينة ، في غاية الأمل ، في غاية الرضى ، في غاية السرور ، تكاد الأرض لا تسعه ... والله قال لي بعضهم .. ليس في الأرض من هو أسعد مني ، وهو صادق ، قال إلاّ يكون أتقى مني .. يعني طبعاً .. قال فإذا عافسنا الأهل ننسى .. وهذه تحدث معنا .. أنا وأنتم جميعاً .. ونحن هنا في هذا البيت ...
    في هذا المسجد نحس بالسعادة ، بالطمأنينة ، بالسرور ، الإنسان يذهب إلى بيته فيجد العشاء متأخر، ابنه لم يحضر الخبز .. يمكن .. يغضب .. ثاني يوم ذهب للعمل ... لا يوجد بيع مثلاً .. عليه دفع لا يوجد قبض.. يتضايق .. فيوم السبت يوم الأحد .. هذه الأحوال الطيبة من السرور من الطمأنينة ، هذا الإقبال ، هذا السمو ، وعلى العكس .. الضعف .. " البيل بعد جمعة - بطاريته ضعفت - ضوءه ذهب " .. فقال كذلك أنا يا أخي أنا مثلك " انظر التواضع " .. أما كذلك يا أخي فانطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    لمّا حدثوه بما جرى " صلى الله عليه وسلم " هنا النقطة .. قال عليه الصلاة والسلام : " نحن معاشر الأنبياء ( مقام النبوة ) "ماذا يعني مقام النبوة ؟ " نحن معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا "
    يعني .. اتصال دائم .. بالله .. " أما أنتم يا أخي فساعة وساعة " ساعة إقبال وساعة غفلة ، لا تقول ساعة انقطاع .. حاشى لله .. ، ساعة إقبال وساعة فتور .. ساعة اتصال وساعة انفصال ..
    الغماز يتألق .. وأما الضوء فهو مستمر " فالمؤمن .. ساعة إقبال مع ساعة فتور " هذه درجة " ، ساعتين غفلة ساعة إقبال " هذه درجة ثانية " ، ثلاث ساعات غفلة ساعة إقبال " هذه درجة ثالثة " ، أربع ساعات غفلة ساعة إقبال " فكل واحد منا يعرف مقامه من هذه الطريقة ، واحد يُصلي خمس أوقات .
    هناك شخص يضبط معه صلاة " الصبح مثلاً " أمّا الظهر،خمسون خاطر في الصلاة ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء ، أمّا الصبح ضابط معه ، واحد صبح وظهر وعشاء ، واحد بين الصلاتين .. لا ينسى الله عزّ وجل .. تدمع عينه بين الصلاتين ... يفكر بآية كونية ، يسمع قرآن يدعو إنساناً إلى الله ، وواحد " يضبط معه ركعتين بالشهر "
    فالمؤمنون .. ساعة وساعة .. ساعة وساعة منوعة جداً بين بالشهر ركعتين ، بالأسبوع ركعتين ، بالستة أشهر ركعتين ، والباقي كله سهو ولهو بين الخمس أوقات ، ربنا عزّ وجل وصف المؤمنين بأنهم على صلاتهم دائمين .. يعني .. يغلب عليهم دوام الصلاة .. لو أنهم.. لو أن هذا الدوام أصبح قطعياً لكانوا لصاروا أنبياء حقاً ...
    النبي هو الذي لا ينقطع عن الله طرفة عين .. لا ينقطع .. لا في نوم .. ولا في صحو .. لا في ليل .. ولا في نهار .. لا في شدة ولا في رخاء .. لا في الغِنى ولا في الفقر .. لا في الصحة ولا في المرض .. لا في النصر ولا في الهزيمة ... اللهم صلِ عليه ، في أعقاب معركة "هوازن " ، هل انقطع عن الله ؟ .. أبداً ، بأعقاب " أُحد " انقطع ؟ أبداً ، .. بأعقاب " الطائف " انقطع ؟ .. أبداً ، اتصاله بالله في الطائف كاتصاله بالله في أثناء فتح مكة . وهو في أوج النصر متصل ، وهو في أشد الأوضاع حرجاُ متصل ... هذا النبي .
    هذا النبي هو الإنسان الذي لا ينقطع عن الله أبداً .. ولا طرفة عين " نحن معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا أما أنتم يا أخي فساعة وساعة " ، نحن المؤمنين ساعة وساعة.. ساعة نتصل وساعة نغفل . ساعة نقبل وساعة نفتر .. هذا مقام المؤمنين ومقام الأنبياء الاتصال الدائم ، لماذا اصطفاهم الله عزّ وجل ؟ لأنهم كانوا دائمي الاتصال بالله سبحانه وتعالى ، أصبح السبب واضحاً لماذا اصطفاهم .


    (سورة الدخان)
    أصبح السبب واضحاً .. علمنا أنهم لا ينقطعون عنا أبداً " يعني واحد .. الآن . اشترى آلة جديدة للبيت .. وأراد يصلي الظهر .. يُصلي الظهر .. لكن .. صلىّ .. يا ترى ؟ .. الآلة .. يُريد أن يفتحها .. يشاهدها " ، إذا أتته رسالة ، كان قد قدم طلب " فيزا " وأتت الرسالة وقبل أن يفتحها كاد أن يؤذن الظهر .. فصلى الظهر .. " كيف يُصلي الظهر؟ " " يا ترى أرسلوا الموافقة .. لم يُرسلوها .. " .. ساعة وساعة ، أما النبي الكريم لا شيء في الدنيا يشغله عن ذكر الله .. وأصحابه الكرام .. على مستوى رفيع جداً ..


    (سورة النور)
    في جامع .. حدثوني عنه قريب من الجسر .. صفين فيه فقط .. الظهر .. يعني في أداء صلاة الظهر .. العادة .. صفين فقط .. يعني عندما الناس خافوا في الأسبوع الماضي .. " لآخر الصف مليان " .. جميل والله .. لكن ساعة وساعة في الشدة .. جاءوا ليصلوا .. " طيب بالرخاء .. ما في شيء ما في قلق ، ما في خوف " .. أين هم ؟! في محلاتهم التجارية .. يبيعون ويشترون .. فالمؤمنون ساعة وساعة .. أما الأنبياء اتصال دائم بالله عزّ وجل .
    الآن : الرسالة :
    في اللغة: التوجيه بأمر ما . فالرسول هو الذي يتابع أخبار الذي بعثه .
    وفي الاصطلاح الشرعي " تكليف الله نبياً من أنبيائه لتبليغ شريعته للناس " النبوة مقام .. تنبوء .. مقام اتصال بالله .. اتصال وتنبوء .
    أما الرسالة مقام تبليغ .. النبوة تلقّي ، الرسالة إلقاء .. فكل رسول يجب أن يكون نبياً وليس العكس .. قال تعالى :


    (سورة آل عمران)
    أما هذه الآية فدقيقة جداً .. " ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ " يعني هؤلاء الذين اصطفاهم الله عزّ وجل ليسوا من طينة غير طينة البشر! .. لا .. إنهم من بني البشر .. من طينة واحدة .. ولكنهم تفوقوا .. ولو أنهم من طينة أخرى .. لو أن الله سبحانه وتعالى أعطاهم إمكانات خاصة فاقو بها الناس ، لما كان لهم الفضل في تفوقهم .. يعني .. إذا كان طالب أعطيناه الأسئلة .. فأخذ علامة تامة .. فكان الأول .. هل هذه ميزة ؟!! . أما إذا كان ظرفه مشابهاً لظرف جميع الطلاب لا يعلم الأسئلة .. وقد أخذ العلامة المتفوقة .. والله هذا تفوق !! " ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ".. يعني :
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ فَأَيُّمَا رَجُلٍ آذَيْتُهُ أَوْ جَلَدْتُهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ زَكَاةً وَصَلاةً *
    أنا من طينتكم . رُكبت فيّ الشهوات .. التي رُكبت فيكم .. الشهوات نفسها لكنه فاق بني االبشر ... " محمدٌ بشر وليس كالبشر فهو جوهرة والناس كالحجر " .
    فإن تفق الأنام فأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزال
    فالتفوق عظيم .... لأنه من طينة البشر ... ذرية بعضها من بعض . أما لو أعطيت الطالب الأسئلة ، فكتب إجابة جيدة ، وأخذ علامة تامة ، وإذ به ينال الأولى على سائر القطر ... هذا ليس بتفوق لأنه لم يتساوَ في الظروف مع بقية الطلاب .. لم يتساوَ .. " ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " :


    (سورة النمل)
    كلمة " اصطفاء " تتكرر في أكثر الآيات .. هناك اصطفاء بالنبوة . والآن اصطفاء بالرسالة ، والدليل القاطع :


    (سورة الأعراف)
    أيام .. الإنسان يأخذ دكتوراه ، هذه مرتبة علمية ، وأيام يتعين عميد كلية .. هذه مرتبة إدارية .. لكن لا يُعقل أن يكون عميد الكلية إلا أن يكون دكتوراً في الأساس . يُختار من بين أصحاب الشهادات العليا .. فالعمادة شيء والأستذة شيء .
    فالنبوة مقام التلقي ، والرسالة مقام الإلقاء .
    النبوة : التنبوء ، والرسالة : التبليغ .. إذن ليس كل نبي رسولاً ، لكن كل رسول نبي . ويبين الله لنا اصطفاؤه الرسل من الملائكة أيضاً .. أنّ اصطفى الله عزّ وجل من الملائكة رسلاً لإبلاغ الوحي للأنبياء واصطفى رسلاً لإبلاغ كلامه للناس . إذن هناك اصطفاءآن " اصطفاء رسل من الملائكة " من بين الملائكة . واصطفاء رسل لبني البشر من بين بني البشر .


    (سورة الحج)

    ويقول الله تعالى :


    (سورة الأنعام)
    في معرض التنديد بأكابر مجرمي القرى ، الذين تعنتوا فقالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله أوفي الرد هنا دلالة على أن الرسالة لا تكون إلا لمن اصطفاهم الله لحمل رسالته :


    (سورة الزخرف)
    " اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ " [ رجلٍ القريتين ] يكون من الأغنياء .. من الوجهاء.."، " اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ " . هذا من اختصاص الله سبحانه وتعالى .. هو الذي يختار ، لأنه يعلم ما عند العباد من صدق في الإقبال ، ومن استقامة في المعاملة ، ومن حبٍ ، ومن ولاء، ومن اهتمام ...
    هناك موضوعات تتعلق بموضوع النبوة سوف نرجئها إلى درس قادم إن شاء الله ... سأعرض عليكم نموذجاً منها ، النبوة والرسالة فيضٌ إلهي ، النبوة شيء ، والرسالة شيءٌ آخر ، هذا موضوع الدرس القادم .
    الاصطفاء بالنبوة سابق على الاصطفاء بالرسالة ، النبوة أولاً ، هناك أنبياء وليسوا برسل .. سيدنا هارون ، سيدنا يوسف .. أنبياء فقط ، وللحديث تتمة نتابعهُ في درسٍ قادم إن شاء الله .

    والحمد لله رب العالمين

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 8:47 pm